صناعة الخزف الصيني
١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٤
كانت أواني الخزف الصيني تعد نوعا ثانيا من الصادرات الصينية بكميات
هائلة بعد الحرير. وبما أن النقل البحري أكثر سلامة من النقل البري بالنسبة
إلى أواني الخزف الصيني القابلة للكسر، كانت تنقل إلى الغرب بحرا في غالب
الأحيان، وهذا ما جعل بعض الناس يسمي طريق الحرير البحري "طريق الخزف
الصيني".
لقد اخترعت الصين الفخار قبل عشرة آلاف سنة، واستطاعت قبل ستة آلاف سنة
أن تصنع أواني فخارية اتصفت بأنها عملية وذات مظهر جمالي؛ أما أواني الخزف
الصيني فقد ظهرت في عهد شانغ وتشو (ما بين أوائل القرن السابع عشر قبل
الميلاد وعام 256 ق.م)، واجتازت المرحلة الانتقالية من الخزف الصيني
البدائي إلى الخزف الصيني العادي التي عاصرت فترة هان الشرقية (25 ق.م –
220م)؛ واستطاعت في عهد الممالك الثلاث وأسرتي جين الغربية والشرقية (220 –
420) أن تصنع أواني الخزف الصيني الأخضر أو الأسود البديعة في جيانغسو
وتشجيانغ. وخلال الفترة التاريخية الطويلة الممتدة بين أسرتي تانغ ومينغ لم
تكف صناعة الخزف الصيني عن التقدم، حتى إنها انتزعت إعجاب مختلف الأمم
وذاع صيتها في أرجاء الدنيا. وكانت ألسنة العرب تلهج بالثناء عليها، فقد
ورد في ((أخبار الصين والهند)) قول بأن أقداح الخزف الصيني الناعم صافية
نقية كالزجاج بحيث يستطيع المرء أن يرى من خارجها ما في داخلها من الماء ،
لذلك وصفه ابن بطوطة بأنه "أبدع أنواع الفخار" ؛ وقال لي تشاو في ((تكملة
تاريخ تانغ)) أيضا إن "الخزف الصيني لازوردي كلون السماء، ورقيق كأنه
الورق، و له رنين كرنين الجرس". وذلك كله يدل على أن العرب لم يكونوا
مبالغين في إطرائهم للخزف الصيني. وكانوا لشدة إعجابهم به، يدعونه "الصيني"
نسبة إلى الصين، ثم أصبحت هذه اللفظة فيما بعد تطلق على كل نوع من الأواني
الخزفية. لقد كانت أواني الخزف المصنوعة في الصين تعتبر في نظر العرب من
النفائس؛ فوالي مصر اختار منها أربعين قطعة، وأرسلها هدية إلى دمشق عام
1171،