mr.mohammed ضيف شرف
الدولة : المشاركات : 100 25749 1 تاريخ التسجيل : 18/12/2010
| موضوع: زياد وفيروز… حكي وحكايات السبت ديسمبر 25, 2010 5:21 am | |
| بعد مرحلة اختمار، وصلتنا الأعمال الزيادية أخيراً، وجلبت للمتابعين نقاشات تطول، اذ لا يقين مشترك حول ما يود صاحب “العقل زينة” قوله فعلاً عبر كل أغنية.
“إيه في أمل” الاسطوانة التي غنت منها السيدة فيروز في حفلتيها الاخيرتين في مجمع البيال وصفق لها الناس بحرارة، تعد من أكثر الالبومات المشتركة بين الابن والأم التي تحمل تصوراً متكاملاً على صعيد النصوص الشعرية بشكل خاص، جاء في سبع أغنيات جديدة – اذ استثنينا الأرض لكم والبنت الشلبية وبكتب أساميهن – هي الرواية وبدايتها ونهايتها، وعن كل أغنية تتشعب أفكار أخرى عديدة.
من منطلق واحد هو “الحكي”، يتكون البناء السردي لنصوص الأغاني، فالحبيبة تارةً تصغي و تارةً أخرى تحكي عن مشاعرها، أو تستحضر ما وشي لها، وربما تستكمل المشهدية الغنائية مواضيع أغنيات سابقة، كما هي حكايا مترابطة مع بعضها البعض في عمل واحد.
“قال قايل” تستقبلنا فيروز بقصة من نوع “المضحك المبكي” وما يخفف من وطأة الألم، البناء البسيط للحن وجعله راقصاً فيبدو كأن وظيفته هي مواساة الكلام والحالة المعاشة، بما في ذلك قول الكورس النسائي (معليش معليش). فيروز هنا منزعجة لما تتتناقله الألسن عن أخبار حبها، وتخاطب حبيبها مستغربة ما يشيعه عنها وهو من أصحاب “الفضائح” الدائمة، ونجد أن النهاية السعيدة بالنسبة لها، هي سماع “كلمة حلوة” مع استعدادها لتحمل أسى الايام الماضية حتى ولو “بدي عيدو من أولو”.
قصة بشعة كتير.. عفواً “قصة زغيرة كتير”، إنها “بشعة” كما يحلو لبعض الفيروزيون تسميتها، اذ لا ذكر لمفردة “زغيرة” في كل الأغنية، إلا أن زياد ارتأى استخدام “زغيرة” نظراً لتكرار الجمل اللحنية والنصية معاً مرتين. “هيدي عم بحكيلك قصة بشعة كتير.. وحلوة كتير” تترجى فيروز من سامعها أن يطيل الجلوس وينصت ل”حدودتها” علهُ ينجو من ندم حتمي سيكون ان تركت ولم تعد.
ثالث الأغنيات هي القمة في حكاية الأمل المفقود. فمن بعد “كلمة كلمة يا حبيبي تإفهم عليك” (لا والله) و”بيبرم ساعة عالكلمة ما بتطلع هيي بالذات” (انشالله مابو شي) وكلاهما من ألبوم “ولا كيف”، تأتي “كل مالحكي يطول” في الألبوم الأخير لتتوج النظرية الزيادية عن الكلام وأساليبه وتعابيره. علها محاكاة زياد لذاته “نفسها اخبارك، طوشة اسرارك”. كما تظهر النظرية ان للحصول على ما يرضي الحبيبة من “صدق الكلام” هنالك علاقة طردية، فكلما طال الحديثن كلما اعتدل المتحدث في كلامه.. “كل مالحكي يطول، بتصير تقول، بتصير معقول، تحكي الصحيح”.
“كبيرة المزحة هاي” المشهد هنا يدور في آخر الليل حول اختلاجات العواطف والتعبير عنها “بتقول بتحبني او يمكن ما بتحبني”، وكأن عدم وجود حقيقة لما يشعر به أصحاب العلاقة نكته “من بعد هالعمر”.
القصة الخامسة لها ذات الوجع الذي تحمله الأغنية الأخيرة. “الله كبير” إنها تذكرنا بشجن “لا إنت حبيبي 1965″. فيروز تقف مستسلمة، فلا عتب ولا وعيد، ليس هنالك سوى “الله كبير”، واستذكار أقوال الحبيب في محطة كان حبها عنده ” أخير”..
تخلع فيروز عنها ثوب السلام في “ما شاورت حالي” (أغنية رقم 7) وتعلقه على مدخل الإسطبل، وعلى نباح الكلب تبدأ التشكيك في مشاعرها ومدى ضرورة زواجها منه، فلم تعد تعاتبه على انتظار “العرس اللي واعدها فيه” (تنذكر ما تنعاد من ولا كيف) بل تصد الباب وترفض سماع حججه “اخفي الحس ليك الناس كيف جمعتا عليي” وتبدأ البحث عن مخرح من هذه الورطة بمساعدة مشجعيها من سامعين الصوت في القرية.
آخر الأغنيات ” إيه في أمل” هي رواية بدون نهاية، وحدهم أصحابها يعلمون على ما اختتمت.
الأمل ضائع – ابتسامة فيروز الخجولة التي سجلتها عدسة ريما الرحباني في كتيب الالبوم أجمل لوحات الأمل – والأحاسيس متلاشية ابداً، وكل أيام الحب والشوق والزعل والحنين والياسمين والعشرة، مرت، أو تمر في حالة زوال يشبه شح الماء الذي يطوقنا…
تختتم فيروز الحديث لنفس من كان حبيبها، أو أكثر ب “حبيبي… كرمالي تنيناتنا منعرف شو صار”… ألا ترسم الأغنية ملامح الحياة الخاصة لأصاحبها بأسى عميق؟ ربما…
من الحبيبة الفزعانة والخائفة وال”منرفزة” في (ولا كيف 2001) الى الحبيبة المتحدثة والعاتبة والحزينة.. الحزينة جداً في “إيه في أمل”، تتلو فيروز قصص غنائية محورها الحب في حالات عديدة أبرز طابع لها هو الفشل والتأرجح. وما التنوع الموسيقي للأغنيات ولا شاعرية النصوص وحدهما كافيان لإيصال عمل زياد، لولا امتزاجهما ب”شاعرية الصوت” الاستثنائي الأداء لدى فيروز، ناهيك عما تختزنه السيدة من خبرة فنية وحياتية لن تتكرر مع أية مغنية أخرى. | |
|