لا عـــجــــب/
للشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ؛ وبعد:
قرأت كلاما لبعض المشائخ في جريدة الوطن يتعجب فيه من افتراق المسلمين فيما بينهم مع أن كلا منهم يقول: ربي الله، ونبيي محمد، وديني الإسلام، وأقول: لا عجب في ذلك لأنه لا يكفي مجرد القول بدون الالتزام بمدلوله، فلا يكفي أن يقول الإنسان: ربي الله حتى يستقيم على هذه الكلمة بتحقيق مدلولها وهو عبادة الله وحده لا شريك له، قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ }
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما طلب منه سفيان بن عبدالله رضي الله عنه أن يقول له قولا في الإسلام لا يسأل عنه غيره قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((قل آمنت بالله ثم استقم)) لأن مجرد قول ربي الله معناه الإقرار بتوحيد الربوبية وهو لا يكفي إلا بالإتيان بلازمه وهو توحيد الألوهية بأن لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له لأن المشركين يقرون بتوحيد الربوبية لكنهم يشركون في الألوهية كما ذكر الله ذلك عنهم في القرآن الكريم، ولا يكفي أيضا أن يقول الإنسان محمد نبيي دون أن يتبع الرسول ويطيعه فيما أمر ويصدقه فيما أخبر ولا يعبد الله إلا بما شرع فهذا تحقيق قول: محمد نبيي.
أما من يقول ذلك وهو لا يطيعه فيما أمر ولا يجتنب ما نهى عنه ولا يصدقه فيما أخبر به، ولا يتجنب البدع المحدثة في الدين بل يعبد الله بغير ما شرعه الرسول فهذا لا ينفعه مجرد النطق بقوله: محمد نبيي، وكذلك إذا قال الإسلام ديني فلابد أن يلتزم بدين الإسلام بجميع أحكامه عقيدة وشريعة ومعاملة وأخلاقا وسلوكا فلا يقول الإسلام ديني ويتبع ما شاء من النحل والمبادئ المخالفة لدين الإسلام وإنما يكون على منهج السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.
قال تعالى: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } هذا ما أردت التنبيه عليه: { إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ }.