تأثيرات الإشعاع البايولوجية على الكائنات الحية
كيف تنشأ الإشعاعات:
تتكون ذرة العنصر من نواة مركزية (Nucleus) تحتوي علي بروتونات موجبة الشحنة ونيوترونات متعادلة ويدور حول هذه النواة عدد من الإلكترونات سالبة الشحنة.
ويطلق علي عدد البروتونات في النواة اسم العدد الذري (Atomic Number) بينما يطلق علي مجموع عدد البروتونات + مجموع النيوترونات اسم الوزن الذري (Atomic Weight)
في معظم أنوية العناصر الكيميائية يكون عدد البروتونات داخل النواة مساويا لعدد النيوترونات وفي بعض أنوية بعض العناصر يكون عدد النيوترونات أكبر من عدد البروتونات وتسمي هذه العناصر بالنظائر(Isotope)
وهذه النظائر بعضها ثابت لا يتغير تركيبها الذرى بمرور الزمن والعادة تكون لها عدد ذري منخفض.
وبعض هذه النظائر غير مستقر وغالبا ما تكون أعدادها الذرية عالية وتسمي بالنظائر المشعة وهذه النظائر سوف تلفظ أنويتها دقائق نووية (أي سوف يصدر عنها إشعاعات نووية) تسمي أشعة ألفا ، وأشعة بيتا ، وأشعة جاما وبمرور الوقت تتحول هذه العناصر إلي عناصر أخرى أقل وزنا وتختلف في صفاتها الكيميائية والفيزيائية عن العنصر الأصلي.
أنواع الإشعاع :
يوجد نوعان أساسيان للإشعاع هما:
1 إشعاع مؤين (Ionizing Radiation) مثل أشعة إكس وأشعة جاما والأشعة الكونية وجسيمات بيتا وألفا.
2 إشعاع غير مؤين (Non-Ionizing Radiation) مثل الإشعاعات الكهرومغناطيسية ومنها موجات الراديو والتليفزيون وموجات الرادار والموجات الحرارية ذات الأطوال الموجية القصيرة (ميكروويف) والموجات دون الحمراء والأشعة فوق البنفسجية والضوء العادي.
1 الإشعاع المؤين Ionizing Radiation:
توجد ثلاثة أنواع رئيسية من الإشعاع المؤين قد توجد في الإشعاعات التي يصنعها الإنسان كذلك في الإشعاع الطبيعي وهي دقائق ألفاAlpha Particles , دقائق بيتا Beta Particle وأشعة جاما Gamma Rays
أ- دقائق ألفا Alpha Particles
يمكن إيقاف مسار أشعة ألفا بواسطة قطعة من الورق أو بواسطة جسم الإنسان ولكن لو تم استنشاق أبخرة المادة التي تشع منها دقائق ألفا أو بلعها ودخولها إلى الجسم نتيجة وجود جرح به فإنها تكون مؤذية جدا.
ب- دقائق بيتا Beta Particles
لا يمكن إيقاف دقائق بيتا بواسطة قطعة الورق ويمكن إيقاف سريان هذه الأشعة بواسطة قطعة من الخشب ، وقد تسبب أذى جسيم إذا اخترقت الجسم.
ج- أشعة جاما Gamma Rays
من أخطر أنواع الإشعاعات ولها قوة اختراق عالية جدا ، أكبر بكثير من أشعة ألفا وأشعة بيتا. ويمكن إيقاف سريانها بواسطة حاجز من الكونكريت ( الخرسانة المسلحة ) وتقع أشعة إكس من ضمن تقسيمات أشعة جاما ولكنها أقل قدرة علي الاختراق من أشعة جاما.
والشكل المجاور يبين مدى كل من الجسيمات ألفا وبيتا وإشعاع غاما
المصادر الطبيعية للإشعاع الذري :
الإشعاع الذري موجود قبل خلق الأرض بزمن طويل . وله ثلاث مصادر رئيسية على الأرض هي :
الأشعة الكونية :
المصدر الرئيسي لهذه الأشعة ناتج عن الحوادث النجمية في الفضاء الكوني البعيد ومنها ما يصدر عن الشمس خاصة خلال التوهجات الشمسية التي تحدث مرة أو مرتين كل 11سنة ، مولدة جرعة إشعاعية كبيرة إلى الغلاف الغازي للأرض . وتتكون هذه الأشعة الكونية من 87% من البروتونات و 11 من جسيمات ألفا ، وحوالي 1% من النوى ذات العدد الذري ما بين 4 و 26 وحوالي 1% من الإلكترونات ذات طاقة عالية جداً وهذا ما تمتاز به الأشعة الكونية ، لذلك فإن لها قدرة كبيرة على الاختراق . كما أنها تتفاعل مع نوى ذرات الغلاف الجوي مولدة بذلك إلكترونات سريعة وأشعة جاما ونيوترونات وميزونات .ولا يستطيع أحد تجنب الأشعة الكونية ولكن شدتها على سطح الأرض تتباين من مكان لأخر .
النشاط الإشعاعي الطبيعي في القشرة الأرضية :
إن من أهم العناصر المشعة في صخور القشرة الأرضية هي ( البوتاسيوم 40 ) وسلسلتا العناصر المشعة المتولدة من تحلل ( اليورانيوم -238 ) و (الثوريوم -232 ) . وهناك ما يقارب الأربعين من النظائر المشعة . وأعمار النصف للعناصر المشعة الأساسية في صخور القشرة الأرضية طويلة جداً ، لهذا بقيت في الأرض إلى الآن منذ خلقها ، فعمر النصف ( للبوتاسيوم -40 ) يزيد على ألف مليون سنة وعمر النصف ( الروبيدوم -87) يزيد على أربعين ألف مليون سنة وهذه النظائر المشعة تبعث أنواعاً مختلفة من الإشعاع الذري كجسيمات بيتا وألفا وأشعة جاما .
ومستوى النشاط الإشعاعي الطبيعي في القشرة الأرضية متقارب جداً في معظم الأماكن ، حيث لا يوجد اختلاف يذكر عن مكان وآخر بصفة عامة . إلا أن هناك أماكن على الأرض يزداد فيها الإشعاع الطبيعي بشكل كبير نتيجة وجود تركيزات عالية من العناصر المشعة طبيعياً في صخور القشرة الأرضية .
النشاط الطبيعي داخل جسم الإنسان :
يشع جسم الإنسان من الداخل عن طريق كل من الهواء الذي يتنفسه والغذاء والماء الذي يصل إلى جوفه ، فالهواء هو المصدر الرئيسي للجرعة الإشعاعية الطبيعية التي تصل إلى داخل جسم الإنسان ومصدرها الأساسي غاز الرادون الموجود في جو الأرض والمتولد عن التحلل التلقائي لنظير « اليورانيوم -238 » الموجود طبيعياً في صخور قشرة الأرض.
وكذلك فإن كلا من الغذاء الذي يتناوله الإنسان والماء الرئيسي لتلك المواد المشعة في النبات هو التربة التي تمتص منها النباتات تلك المواد مع غيرها من المواد الطبيعية فتدخل في بنائها . كما أن بعض الغبار الذي يتساقط على النبات يحوي آثاراً من تلك المواد المشعة ، وتصل المواد المشعة إلى داخل جسم الإنسان عن طريق تناوله النباتات أو لحوم الحيوانات التي تتغذي على النباتات وتدخل المواد المشعة أيضاً مع الماء الذي نشربه حيث تحتوى المياه على آثار قليلة جداً منها .
لذلك تكون أجسامنا مشعة قليلاً من الداخل نظراً لوجود بعض العناصر المشعة فيها مثل (البوتاسيوم - 40 ) و ( الكربون - 14 ) .
وتسلك المواد المشعة - عادة - طرقاً معقدة قبل دخولها جسم الإنسان.
اثر الإشعاعات النووية على جسم الإنسان :
عندما يتعرض أي كائن حي إلى الإشعاعات النووية يحدث تأينا للذرات المكونة لجزيئات الجسم البشري مما يؤدى إلى دمار هذه الأنسجة مهدده حياة الإنسان بالخطر .
وتعتمد درجة الخطورة الناتجة من هذه الإشعاعات على عدة عوامل منها نوعها وكمية الطاقة الناتجة منها وزمن التعرض،ولهذه الإشعاعات نوعان من الآثار البيولوجية. الأثر الجسدي ويظهر غالباً على الإنسان حيث يصاب ببعض الأمراض الخطيرة مثل سرطان الجلد والدم وإصابة العيون بالمياه البيضاء ونقص القدرة على الإخصاب .والأثر الثاني للإشعاعات هو الأثر الوراثي وتظهر أثاره على الأجيال المتعاقبة. ويظهر ذلك بوضوح على اليابانيين بعد إلقاء القنبلتين النووية على هيروشيما ونجازاكي في سبتمبر 1945.
مما أدى إلى وفاة الآلاف من السكان وإصابتهم بحروق وتشوهات وإصابة أحفادهم بالأمراض الخطيرة القاتلة . ويجب مراعاة عدم تعرض المراءه الحامل للأشعة السينية كوسيلة للتشخيص حتى لا تصيب الطفل بالتخلف العقلي . والحد الأقصى المأمون للإشعاعات النووية الذي يجب إلا يتجاوزه الإنسان هو ( 5 ريم ) في اليوم الواحد والريم وحدة قياس الإشعاع الممتص وهى تعادل رونتجن واحد من الأشعة السينية وهى تعنى Roentgen Equivalent Man ويتعرض الإنسان إلى الكثير من مصادر الإشعاع في الحياة اليومية .
ولا ننسى في هذا الصدد تعرض الإنسان للأشعة الكونية الصادرة من الفضاء الخارجي وتعرضه للإشعاعات الضارة خلال تعامله مع النظائر المشعة سواء في مجالات الطب ,الصناعة و الزراعة وتعرض العاملين في المفاعلات النووية والعاملين في المناجم التي يستخرج منها العناصر المشعة مثل الراديوم واليورانيوم
ومن العوامل الرئيسية المسببة للتلوث النووي ما يحدث في دول النادي النووي من إجراء التجارب وخاصة بعد الحرب العالمية الأخيرة بهدف تطوير الأسلحة الذرية لزيادة القوة التدميرية لها وقد أدت التجارب إلى انتشار كميات كبيرة من الغبار الذري المشع في مناطق إجراء التجارب وتحمل الرياح هذا الغبار المشع إلى طبقات الجو العليا والذي يحتوى على بعض النظائر المشعة مثل السيزيوم 137 والاسترونسيوم 90 والكربون 14 واليود 131 وغيرها من النظائر والتي يستمر نشاطها الإشعاعي فترة طويلة من الزمن ليتساقط فوق كثير من المناطق البعيدة عن موقع التجارب حيث تلوث الهواء و الماء والغذاء وتتخلل دورة السلسلة الغذائية حيث تنتقل إلى الحشرات والنباتات والطيور والحيوانات وأخيراً تصل إلى الإنسان واغلب النظائر المشعة يستمر النشاط الإشعاعي لها فترة طويلة من الزمن الأمر الذي يضاعف من إضرار التلوث على كافة عناصر البيئة.